بالأمس إنتظرتكِ هناك حيث دائماً أنتظــــــر
بالأمس لبست أجمل ثيابي ... وصببت العِطر
بالأمس هناك قلت للنهار: كن طويلاً أرجوك تحلى بالصبر
لعله يبلغني موعد قدومكِ
ولكنه - وكـ العادة - ما حمل معه سوى العذر
مرت الساعات كدهر
رغم الزِحام
ورغم ألف امرأةٍ تأتي وتروح
رغم تكتل العطور كالضباب
إلا أني لم أرى غير عينيكِ
تشرقان كالفجر
تحملان إبتسامةً ودفئاً
وباقةً من زهر
ولكن أيقظني برد الشتاء المنهمر
فلبست معطفي وعدتُ لأنتظر
......
.....
.....
ثلجٌ ... برقٌ ورعد
والنار في الصدر تشتعل
نار الشوق غاليتي
نار القلب الذي اشتعل
بالأمس وأنا أنتظر
كلما رأيتُ واحدةً يخفق القلب
ولما يعرف أنها غيركِ
مر ألف شتاء .. ألف ربيع
وخريف وبضع صيفٍ قد مر
ولم تأتِ غاليتي!
.....
.....
.....
يتسائل المارة من حولي : أهذا تمثالٌ من صخر؟!
منذ الأزل نراهُ واقفاً
مغروزٌ كما الشجر
وغيرهم يقول:
نحته أحدهم منذ القِدم
ليبلغ محبوبتهُ لما من هنا تمر
أنه ما زال ينتظر
.....
.....
.....
أناسٌ تأتي
وأخرى تروح
حتى باتوا يلتقطون بجواري الصور
يحسبوني حجر
إني بشرٌ سيدتي
أخبريهم بأني موعدكِ أنتظر
إني بشر أنبض كل يومٍ أحبكِ
وأشهق ذكرى
وزفيري شوقٌ يحتضر
ذاك نهدٌ يسلم عليا
فكيف أرد السلام؟
فلقد نسيت التهذيب
نسيت الكلام
نسيت الأشكال ..نسيت طعم الألوان
إني منذ رحيلكِ قررت الصيام
تلك حمامةٌ تحط على كتفي
فكيف أطعم الحمام؟
بالأمسِ إنتظرتكِ غاليتي أملي ملء الأكوان
ويفيض فوق ذلك ألف مكان
بالأمس رسمتكِ في عيني
ورششت عليكِ ماء الزهر وسكبت نجمان
بالأمس انتظرتكِ
قدماي من خشبٍ صارت وأغصان
شرشت في الطريق
هناك بات الكل يعرفني
بات الكل يحدثني عن الأحزان
كلهم بالأمس انتظروكِ معي
ورأوكِ فوق مخدعي
تنامين في عيوني
تلعبين بحدائق صدري وترتعي
ترسمي ابتسامات حبنا
وتحملين بعينيكِ - رغم وجودي- شوقاً وحنيناً
فمن الآن تخدعي؟
نفسكِ أم ذِكرانا
أم مقعدٌ منذ السنة الألف قبل الصوت
يناديكِ أفلا تسمعي؟
كلهم بلا استثناء رأوكِ تمسحين أدمعي
وتحيكين أصابعي
كلهم .. انتظروكِ معي
لكنكِ لم تأتي ... ولن ترجعي
فوداعاً ألف سلامٍ من هناك
ألقيها إليكِ
من معبدي وصومعي
..............
يأتي ألف ليلٍ أخبريني كيف أنام؟
ما شكل النوم وما لون الأحلام؟
وقفت هناك - لست أدري-
ألفٌ أو تزيد عام
أتسائل في الضوء والظلام
هل ما زال شكلكِ حُباً وسلام؟
هل ما زال صوتكِ دفئاً ووئام؟
شفتيكِ الرحمانيتان
أيزال ينبت عليهما زهر الرمان ؟
وخديكِ أذكر أنهما كطفي عنبٍ
دالية من أراضي الشام
وشعركِ ذاك درب الأحزان
وعِطرُكِ - هذا ما لا أخطئ أبدا -
فما زال عالقاً في جسدي رغم مرور الأيام
أصابعكِ الطفولية الرائعة
قوامكِ يا لذاك القوام
كلكِ سيدتي
قد قلت سابقاً:
من قاع قدميكِ الطاهرتين إلى
لأعلى سماء
رغم أني نسيت شكلي
أذكركِ تسيرين فوق الماء
تخاطبين هدلاً الحمام
هل ما قلت صحيحٌ غاليتي
أم خانتني ذكراي العجوز؟
فلم أعد أذكر اسمي
أو رسمي .....
لا أذكر سوى أني يوماً رأيتُ
ما لا يرى في الأحلام
وما لا يصور لا في الخرافات ولا في الأوهام
لا رأى إنسٌ ولا سمع جان
....
...
....